إن حظر استخدام الأسلحة الكيميائية هو أحد أكثر الأعراف المتفق عليها عالميا في القانون الدولي. ومع ذلك، قتل أو تضرر الآلاف من الرجال والنساء والأطفال بسبب استخدام هذه الأسلحة في العقد الماضي، معظمهم في سوريا.
تسطتيع المحكمة الجنائية الدولية (ICC) تحميل الأفراد المسؤولية الجنائية عن تورطهم في استخدام السم أو الأسلحة السامة أو غيرها من الغازات الخانقة، وهو نوع من الأسلحة الكيميائية التي تم استخدامها في سوريا كما أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW). ومع ذلك، في حالات – مثل سوريا – حيث منعت المحكمة الجنائية الدولية من التصرف، لا يوجد سبيل للمساءلة الجنائية على المستوى الدولي للضحايا والناجين من هذه الجريمة. و هنا نشأت فجوة للإفلات من العقاب أدت إلى تلاشي هذا العرف الدولي المتين.
في 30 تشرين الثاني 2023، في يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائية، أصدرت منظمات سورية وأفراد المتأثرين بالأسلحة الكيميائية والعاملين فيها، بمن فيهم الناجون والشهود من هذه الهجمات، دعوة عامة لإنشاء محكمة جنائية دولية لاستخدام الأسلحة الكيميائية تحت مسمى المحكمة الاستثنائية للأسلحة الكيميائية (ECWT).
وبعد أكثر من عامين من المشاورات مع الخبراء القانونيين والتقنيين والحكومات والمنظمات الدولية، و انطلاقا من الحاجة إلى مكافحة فجوة الإفلات من العقاب الناشئة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، فهدف ردع استخدامها في المستقبل، فإن إنشاء مثل هذه المحكمة سيوفر مساحة للبت في الأدلة التي تم جمعها والتي لا يوجد لها منفذ قضائي دولي، و توفير مستوى من الإنصاف للضحايا، والمساهمة في محاسبة الجناة.
لإنشاء هذه المحكمة، ستعمل الدول بشكل جماعي في إطار حقوقها كدول والالتزامات المتأصلة والمنصوص عليها في المعاهدات والأعراف الدولية، وبما يتماشى مع العديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تدعو بشكل لا لبس فيه إلى المساءلة عن استخدام الأسلحة الكيميائية.
إن الدول التي ستنشئ المحكمة الاستثنائية المقترحة للأسلحة الكيميائية ستسد بحزم فجوة الإفلات من العقاب القائمة لاستخدام الأسلحة الكيميائية في الحالات الي يتم منع المحكمة الجنائية الدولية من التصرف فيها . وبهذه الطريقة، تكون الدول قد كتبت تاريخا جديدا، سعت نحو حماية أمنها، مدافعة عن الضحايا، ومرة أخرى، معززة الحظر الأساسي لهذه الأسلحة، الآن وفي المستقبل على حد سواء.